ادريس بوطور
قبل زهاء سنتين صدرت الطبعة الأولى باللغة الفرنسية لكتاب ” تاريخ كرة القدم بمدينة أسفي بين سنتي 1900 و 1956 ، لمؤلفه الأستاذ التهامي حلي . وهو كتاب من الحجم الكبير ، تم إخراجه في حلة أنيقة ، وطباعة رفيعة معززا بوثائق نفيسة ونادرة من خلال صور وشهادات قيمة في مجال كرة القدم المغربية بصفة عامة والأسفية على وجه الخصوص . وقد تطلب إخراج هذا العمل من مؤلفه خمسا وعشرين سنة من البحث والتنقيب ، وجمع الوثائق وفرزها وتصنيفها وتحصيل الشهادات الحية ، بالإضافة إلى الاستعانة باستشارة واقتراحات مجموعة من الفاعلين الرياضيين والمثقفين . قدم لهذا الكتاب النفيس السيد أحمد غيبي وهو من أهم الفاعلين الرياضيين الأسفيين على الصعيد الوطني ، وأحد الرؤساء السابقين للمجموعة الرياضية لأولمبيك أسفي مؤلف الكتاب هو الأستاذ التهامي حلي Thami Halli من مواليد مدينة أسفي سنة 1949 أطال الله عمره . إطار تربوي رياضي ، عمل أستاذا لوحدة التربية البدنية بأسفي ثم مفتشا تربويا لنفس الوحدة وبنفس المدينة . كما لعب الاستاذ حلي ضمن المنتخب الوطني المغربي للكرة المستطيلة بين سنتي 1967 و 1974، بالإضافة إلى تدريبه للفريق المحلي الأسفي في نفس الرياضة . وعلاوة على هذه المهام فإن مؤلف هذا الكتاب باحث شغوف بالنبش في التاريخ المحلي عامة والرياضي على وجه الخصوص ارتباطا بالمواصفات الآنفة الذكر يكون إنجاز هذا المؤلف النفيس صادرا عن إطار من أهل مكة وهو أدرى بمسالكها وثنياتها ، وعندما تسند الأمور لأهلها والعارفين بها فإن النتائج تأتي حتما طيبة وإيجابية بإذن الله .
ما ميز هذا الكتاب وجعل منه انتاجا متفردا وغير مسبوق في مجال التأليف الرياضي هو تركيز الدراسة على حقبة تاريخية محددة بين سنتي 1900 و 1956 ، وهي فترة الاحتلال الفرنسي للمغرب ، هذه الفترة كان لها أبلغ الأثر في تشكيل التاريخ المغربي المعاصر على مستوى سائر الأصعدة ، قسم المؤلف هذه الدراسة إلى مقدمة وأربعة فصول ، أثار من خلالها بدايات التأسيس لرياضة كرة القدم بأسفي منذ 1900 ثم تطورها وسياسة تدبير الموارد البشرية . وكان بيت القصيد في هذا المؤلف هو إحاطة فريق الاتحاد الرياضي الأسفي “USS” اليوساس” بمعظم المجهود الجدي والرفيع المبذول لإخراج الكتاب ، وهو أول فريق رياضي منظم لكرة القدم بحاضرة المحيط ومن الفرق المغربية الرائدة المعدودة على رؤوس الأصابع خلال فترة الحماية الفرنسية . هذا الفريق سطع نجمه طيلة النصف الأول من القرن العشرين على الصعيدين الوطني والمغاربي بمكوناته وإدارته وعناصره الأجنبية والمحلية . كما خصص المؤلف الفصل الأخير من كتابه للدور الذي لعبته رياضة كرة القدم بأسفي من خلال فريق اليوساس في إثارة الحماس الوطني لدى المناصرين والمحبين من أجل الدفاع عن استقلال المغرب وذلك عبر الدروس والعبر والنماذج التي كان يقدمها اللاعبون الأسفيون المغاربة بهذا الفريق بانسجامهم وتضامنهم وصمودهم بقتالية وندية في المباريات المحلية والوطنية والخارجية.
مجمل القول فإن كتاب “تاريخ كرة القدم بأسفي ” للأستاذ التهامي حلي عمل يبعث على الإحساس بالفخر والاعتزاز ، فقد بعث وجوها وأحداثا طالها النسيان ووضعها في واجهة التاريخ ، فهو بحق ربح ثمين ومشرف للرياضة المغربية عامة والأسفية على وجه الخصوص .
توضيح : الصور المرفقة إحداهن لغلاف الكتاب والثانية لمؤلف الكتاب والثالثة جمعت في لقطة معبرة الاستاذ التهامي حلي مؤلف الكتاب مع الحاج إبراهيم بن الطبيب رحمه الله أحد قدامى لاعبي كرة القدم الأسفية وعنصر من عناصر الحركة الوطنية بحاضرة المحيط.